الطفل العنيد ليس من كوكب آخر..!!
لعلّ أكثر ما يؤرق الآباء، ويشغل تفكيرهم. هو سلوك أبنائهم إن خرجوا عما هو مُخطط لهم. ورغم أنّ معظم الأنماط السلوكية السلبية التي تظهر على الأبناء قد تكون لها مؤشرات مُمهِّدة لها، إلّا أنّ الآباء عادة ما يتنبّهون متأخرين، فيستيقظون مع تشكّل السلوك أمامهم. فقاعدة (الوقاية خير من العلاج) يفترض ألا تغيب عن تفكير الآباء، فقد يكون لدى الطفل بعض الاستعدادات لسلوكٍ ما كما حال (البذرة) في التربة. ولكنّها لن تكون لها فرصة الظهور إنْ لم يتم سقيها ورعايتها، سواءً بشكل فعلي أو لفظي أو حتى إيمائي، فالرسائل الضمنية قد يكون تأثيرها أكثر شدة من الرسائل الصريحة. فصمتُ الآباء هو رسالةٌ ضمنية بالموافقة. فالسلوك لا يأتي من الفراغ بل هو نتيجة أسلوب التنشئة الذي يعطيه متطلبات النمو يوماً بعد يوم لاكتمال تشكيل ذلك السلوك.
يعرّف علماء النفس السلوك العنيد بأنّه نمط سلوك يظهر لدى بعض الأطفال، حيث يرفض الطفل ما يؤمر به أو يصرُّ على تصرّف ما، ويتميّز العِناد بالإصرار وعدم التراجع حتى في حالة الإكراه، وهو من اضطرابات السلوك الشائعة، وقد يحدث لمدة وجيزة أو مرحلة عابرة أو يكون نمطاً متواصلاً وصفة ثابتة وسلوكاً وشخصية للطفل، وهنا مكمن الخطورة.
ويجب معرفة أن صفة العناد لا تأتي مع الطفل أثناء ولادته بل تأتي من الأسرة والعوامل المحيطة من أهلٍ ورفاق أو حتى مكان السكن فكل ذلك يؤثر على سلوك الطفل وتصرفاته، فاللوم الأكبر يقع على الآباء لأنّهم من زرعوا هذه الخصلة السيئة في الطفل منذ البداية، لذلك يجب الانتباه إلى تصرفات الطفل وسلوكه لتجنّب هذه المشكلة منذ البداية أو محاولة حلِّها في أسرع وقت إن وجدت. كما يجب على الأهل الانتباه في معاملتهم مع أطفالهم حيث إنّ من أهم أسباب خلق شخصية عنيدة عند الطفل سياسة الأمر والإجبار. حيث إنّ تلك الأمور قد تأتي أحياناً برد فعلٍ عكسي، إنّ الطفل العنيد مصدر ارهاق داخل الأسرة، حيث يتسبب عناد الطفل في غضب الوالدين نتيجةً لتصرفاته ومواقفه المتعصبة، وحيث إنّ الطفل العنيد لا يُولَد عنيداً ولكن يكتسب سلوك العناد ممن حوله، فلا بد من التعامل مع أطفالنا بحذرٍ وبأسلوبٍ تربوي إيجابي. واللجوء إلى دفء المعاملة اللينة والمرونة في الموقف. وشغل الطفل بشيء آخر والتمويه عليه إذا كان صغيراً، ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً.
إن أبناءنا لم يهبطوا علينا من كوكب آخر، ولم يدركوا الحياة دون والديهم، إن الوالدين هم من يمتلكون مفاتيح سلوك أبنائهم. لا زال سلوك أبنائكم وتعديله وتهذيبه من مهامكم أيها الآباء
إنّها (الأمانة) التي ستسألون عنها. فجميعكم راعٍ ومسؤول عن رعيته….