مقدمة عن العلاج النفسي و فعالية التدخل النفسي عن بعد :
مقدمة عن العلاج النفسي : جعلتنا ظروف وباء كورونا (كوفيد 19) نواجه تحديات جديدة، حيث أصبح لزاما على العديد من المهن والأنشطة الاجتماعية تقديم خدماتها عن بعد، كما هو الأمر بالنسبة ل المجال التعليمي المدرسي.
ومن بين الميادين التي يجب أن تواكب هذا الأمر نجد مجال التدخل النفسي ليستطيع متابعة مهامه السابقة من جهة، ومن جهة أخرى للتعاطي مع كيف يمكن التخفيف من الآثار النفسية السلبية التي ترتبت عن فترة الحجر الصحي على المواطنين، اعتبارا لأنها حالة لم يعهدوها من قبل وتتطلب استراتيجيات نفسية للمواجهة (Coping).
- فهل التدخل النفسي يمكن أن يتم عن بعد؟
- وهل هذا الاجراء فعال على مستوى النتائج العلاجية؟
في الواقع هناك دراسات علمية قليلة حاولت دراسة فعالية طرق العلاج النفسي القائم على الأنترنت (عن بعد).
فهناك القليل من التجارب السريرية (الإكلينيكية) التي قارنت بين جلسات علاج نفسي مباشرة (وجها لوجه) وبين العلاج النفسي القائم على الأنترنيت.
من بين هذه الدراسات سوف يتم اجراء قراءة في أربعة منها، آخذين بعين الاعتبار سردها كرونولوجيا. :
قراءة في دراسات تجريبية :
وضحت الدراسة الأولى (Kessler and al, 2009) :
أنه رغم الحجج القوية التي قدمها العلاج السلوكي المعرفي لكنه ظل غير متاح للجميع.
بمعنى أن الداعي لهذه الدراسة كان محاولة البحث عن إمكانيات تبليغ هذه الخدمة لأكبر فئة ممكنة.
لذلك تم انشاء عدة برامج لتطوير إمكانية الولوج لهذه الخدمات عن بعد، ولإثبات مدى فعالية هذا الأمر تم اجراء دراسة على 297 شخصا سجلوا معدلات أكبر من 14 على سلم Beck للاكتئاب BDI-II، من بين هذه الفئة تم اختيار 149 منهم بشكل عشوائي.
خضعوا بعد ذلك لبرنامج العلاج عن بعد ، وقد كان معيار الفعالية هو أن تتراجع نسب الاكتئاب عند هذه العينة إلى أقل من 10 على BDI-II خلال أربعة أشهر من العلاج السلوكي المعرفي.
وجاءت النتائج على الشكل التالي، حيث حصل %38 من الحالات على معدلات أقل من 10 على BDI-II في ظرف أربعة أشهر، و%42 احتاجت إلى ثمانية أشهر لتحقيق ذلك المعيار.
من خلال هذه النتائج يمكن القول إن تجارب العلاج السلوكي المعرفي عن بعد فعالة عندما يتم تقديمها من طرف أخصائي متمرس، مما يسمح بالقول إن التدخل عن بعد سيسهل الولوج لهذه الخدمة لأكبر عدد ممكن من المحتاجين لها.
انصبت الدراسة الثانية (Ragnhild and al, 2013) :
على تقويم مدى فعالية وتقبل التدخل النفسي عن طريق الأنترنيت لفائدة عينة من تصرفات مريض الاكتئاب والقلق الخفيف والمتوسط، شملت الدراسة 106 حالة تتراوح أعمارهم ما بين 18 و 65 سنة.
تلقوا علاجا سلوكيا معرفيا مدعوما بالأنترنيت، وخضعوا لمقاييس BDI-II للاكتئاب، وHADS Hospital Anxiety and Depression Scale، ومقياس للرضا عن الحياة، وذلك قبل وبعد العلاج.
ولقد وضحت النتائج عن علاج الاكتئاب في المنزل تراجعا لدرجات الاكتئاب والقلق عند المشاركين بشكل دال، إضافة إلى رضا كبير عن البرنامج، مما جعل الدراسة خلصت إلى استنتاج أن هذا النوع من البرامج فعال للاكتئاب والقلق والرضا عن الحياة.
حاولت الدراسة الثالثة (Wagner and al, 2014) :
اجراء مقارنة سريرية بين علاج الاكتئاب القائم على الأنترنيت مع العلاج وجها لوجه وفق المقاربة السلوكية المعرفية.
حيث شملت الدراسة 62 مشاركا يعانون من الاكتئاب المزمن.
تلقى 32 فردا من العينة علاج سلوكي معرفي عن بعد، في حين استفاد البقية (30 فردا) من نفس العلاج وجها لوجه.
دام البرنامج ثمانية أسابيع، تم خلالها استعمال سلم BDI-II لـ قياس درجة الاكتئاب ( مقياس الاكتئاب ).
وضحت النتائج تراجعا لمعدلات استبيان عن الاكتئاب بنفس القدر عند العينتين مع ملاحظة مهمة مفادها أن النتائج ظلت مستقرة عند فئة الأنترنيت مقارنة مع العينة الأخرى بعد ثلاثة أشهر من نهاية العلاج.
الشيء الذي أقر بأن التدخل النفسي بواسطة تقنيات العلاج المعرفي السلوكي مع الاكتئاب بواسطة الأنترنيت مفيد بنفس القدر مقارنة مع الطريقة المباشرة.
فيما يخص الدراسة الأخيرة (Milgrom and al, 2016) :
فقد حاولت دراسة فعالية العلاج السلوكي المعرفي القائم على الأنترنيت اكتئاب ما بعد الولادة PND.
اكتئاب ما بعد الولادة : حيث تم اختبار ذلك خلال برنامج من ست حصص لفائدة عينة من النساء عن طريق برنامج تفاعلي على الأنترنيت مدعوم بدعم نفسي على الهاتف.
تمت الدراسة على 21 مشاركة استفادت من البرنامج عن بعد، وتم علاج اكتئاب ما بعد الولادة قبل وخلال وبعد التدخل النفسي بواسطة أدوات SCDI و DSM-V و BDI-II و PHQ-9.
أظهرت النتائج أن %79 من النساء لم تعد تظهر أعراض الاكتئاب بعد العلاج ( علاج انتكاسة الاكتئاب ) باستعمال كل الأدوات وهذا الأمر سمح باستنتاج أن البرنامج هو خيار علاجي فعال للنساء واللاتي تم تشخيصهن سريريا باكتئاب ما بعد الولادة.
وهذا الأمر سيسهل توفير هذا العلاج للنساء في المناطق النائية.
الخلاصة :
من خلال هذا العرض، اتضحت فعالية توفير الجلسات النفسية عن بعد – خصوصا الأنترنيت – قائمة على المقاربة السلوكية المعرفية، ويبقى اخضاع مقاربات علاجية أخرى لنفس الدراسات مطمحا علميا لتعميم هذه الخلاصات.
كما أن اخضاع أدوات أخرى للتواصل عن بعد كالهاتف سيكون مهما. عموما يمكن القول بفعالية التدخل النفسي عن بعد مقارنة مع التدخل المباشر وجها لوجه، مع أفضلية أحيانا للتقنية عن بعد ( تقنيات العلاج النفسي ).
وذلك لتوفر تلك العينة على دعامات رقمية (تسجيلات الحصص) استطاع المشاركون العودة إليها مما مكنهم من تجاوز فترات نكسة الاكتئاب والمحافظة على استقرار حالتهم النفسية واستقرار نتائج الحصص العلاجية.
يأتي تطبيق المرشد ليعزز مستوى الخدمات النفسية، ويقدمها عن بعد، من خلال منصة رقمية سهلة.
تُمكن المُحتاج للخدمة من طلب استشارة دكتور نفسي وحجز جلسة نفسية من المنزل وفي أي وقت يلائمه.
تراعي المنصة شروط السرية، وتضمن حرية الاختيار من خلال عدد من المتدخلين وصيغ التواصل.
وفق ما يناسب كل شخص راغب في تلقي خدمة نفسية.
يُمكن تطبيق المرشد للاستشارات النفسية كذلك من الاطلاع على مقالات ووصلات إرشادية تهم الحياة النفسية وعن فوائد العلاج النفسي .
مما يجعل من تطبيق المرشد إحدى البوابات العربية المُواكبة للخدمة النفسية عن بعد وفق مقاربة علمية مضبوطة.
حمل تطبيق المرشد من هنا :
اترك لنا تعليقاً بعد قرائتك لـ مقدمة عن العلاج النفسي
المراجع :
|
· Wagner .B, Horn .A.B, Moercker .A, (2014), Internet-Based Versus Face-To-Face Behavioral Intervention For Depression : A Randomized Controlled Non-Inferiority Trial, Journal Of Affect Disorders, 152-154 · Milgrom .J, Danaher .B.G, Gemmil .A.W and al, (2016), Internet cognitive Behavioral Therapy For Wommen With Postnatal Depression : A Randomized Controlled Trial Of MumMoodBooster, Jounal Of Medecine Internet Resersh, 18(3):e54. · Ragnhild .S, Lillevoll .K.R, Griffiths .K.M, (2013), The Clinical Effectiveness Of Web-Based Cognitive Behavioral Therapy With Face-To-Face Therapist Support For Depression Primary Care Patients : Randomized Controlled Trial, Journal Of Medical Internet Research, 15(8):e153 · Kessler .D, Lewis .G, Kaur .S and al, (2009), Therapist Delivered Internet Psychotherapy for Depression In Primary Care, a Randomized Controlled Trial. Lancet 2009; 374: 628–34 |
د. نبيل شكوح ( أستاذ علم النفس، جامعة ابن طفيل، القنيطرة، المغرب. )
اقرا ايضاً : اضطراب الهوية الجنسية عند الاطفال